بَابٌ فِي الأدوِيَةِ النَّاجِعَةِ النَّاجِحَة لِلأَمْرَاضِ المُسْتَعْصِيَةِ الجَائِحَة حُسْنُ التَّوكُّلِ عَلَى إِلَهِنَا رَبِّ العَبِيدِ مِنْ أعظَمِ أَبوَابِ التَّوحِيدِ والأَمنُ مِنَّةُ اللَّهِ علَى أَهْلِ التَّوحِيدِ

Like 3

وَقَولِهِ تَعالَى: ﴿ سَنُلْقِي ﴾ جَاءَتْ فِي كتابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَوْضِعَيْنِ:

■ ١- مَوْضِعٌ فِي إِمَامِ الحُنَفَاءِ المُوَحِّدِينَ.

■ ٢- ومَوْضِعٌ فِي أَئِمَّةِ الكُفْرِ المُشرِكِينَ.

● ١- قال الله تعالى مَانًّا على نبيِّهِ وخلِيلِهِ صلى الله عليه وآله وسلم إِمَامِ المُوَحِّدِينَ:

﴿ إِنَّا سَنُلۡقِی عَلَیۡكَ قَوۡلࣰا ثَقِیلًا ﴾ [المزمل ٥].

فأَلقَى اللهُ جل وعلا عليه القرآنَ، وهو تَوْحِيدٌ كُلُّه.

● ٢- وقال الله تعالى ذامًّا ومُتَوَعِّدًا أَئِمَّةَ الكُفْرِ المُشرِكِينَ:

﴿ سَنُلۡقِی فِی قُلُوبِ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱلرُّعۡبَ بِمَاۤ أَشۡرَكُوا۟ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ یُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَـٰنࣰاۖ وَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ وَبِئۡسَ مَثۡوَى ٱلظَّـٰلِمِینَ ﴾ [آل عمران ١٥١].

■ قال شيخُنا العَلاَّمَةُ المُفسِّرُ ابنُ عثيمين -عليه رحمات ربِّ العالمِين- في تَفسِيرِهَا:

” مِنْ فوائدِ هذه الآية الكريمة :
أنه إذا كان الرعب يُلْقَى في قلوب الذين كفروا لِإشراكِهم ؛

فإن الأمن يُلقَى في قلوب الذين آمنوا لِتَوحِيدِهم ،

.. لأنَّ ما ثبت للشيء ثبت ضِدُّهُ لِضِدِّهِ ؛

فإذا ثَبَتَ الرُّعْبُ للكفارِ بسببِ إِشْراكِهم ،

ثَبَتَ الأمنُ للمؤمنينَ بِتوحِيدِهم ،

ويَدُلُّ لهذا قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام ٨٢].

والظلمُ (هنا) : الشِّركُ كما فسَّره النبي عليه الصلاة والسلام؛ ..

إذنْ كلَّما كان الإنسانُ أشدَّ إيمانًا بالله وأشدَّ تَوحيدًا له كان أشدَّ أمنًا واستقرارًا، وهذا شيء مُجرَّبٌ؛ لأنَّ مَن كان أشدَّ إيمانًا وتَوحيدًا للهِ كان أقوى تَوَكُّلًا عليه، ومِن أقوى أسبابِ الأمنِ ومُصابرةِ الأعداءِ : التَّوكُّلُ على الله عزَّ وجلَّ،

حتى إنَّ مِن النَّاس مَن يقومُ تَوكُّلُه على اللهِ مَقامَ الدَّواءِ في الشِّفاءِ ! ؛

كما قرَّر شيخ الإسلام -رحمه الله- وهو واقعٌ،

بعضُ الناسِ يكون عنده قُوَّةُ تَوكُّلٍ علَى اللهِ ويُشفَى بدون علاج !، بسببِ قوَّةِ توكُّلِه على اللهِ.

● فالحاصلُ أن نقولَ: إنَّ الإنسانَ كُلَّما قَوِيَ إيمانُه باللهِ، وقَوِيَ تَوحِيدُه ازدادَ أمنًا وطمأنينةً واستقرارًا ، وهذا أمرٌ مُشَاهَدٌ مُدْرَكٌ بالحِسِّ” انتهى.

📚 مِن ( تفسير سورة آل عمران) (٣٠٠/٢).

اللهم أَرِحْ قلوبَنَا وأقِرَّ أعيُنَناَ بِمعرفتِكَ وتَوحِيدِك وحُسْنِ التَّوكُّلِ عَليكَ ..

وامنُنْ علينا -إِلَهَنَا ومَوْلاَنَا- وعلى أهلِ بلدِنا خاصَّةً، وعلى المسلمين عامَّةً بالتَّوحِيدِ الخالصِ، واتِّبَاعِ السُّنَّةِ في شُؤُونِنا كُلِّها ، واجتِمَاعِ كَلِمَتِهِم على الحَقِّ ، وارزُقْنَا الأَمْنَ فِي دِينِنَا وأَبدَانِنَا وأَهْلِينَا وإِخوَانِنَا وأَوْطَانِنَا …

وطَهِّر بِلَادَ المُسلمينَ مِن أدرَانِ الشِّركِ، وخُزَعبَلَاتِ البِدَعِ، وأَوبِئةِ المَعَاصِي، وسُوءِ المِحَنِ، وسَيِّئِ الأسقَامِ والفِتَنِ ما ظهَر منها وما بَطَن .. إنَّك سَميعٌ قريبٌ مُجيبٌ الدُّعَاء.

وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

Scroll to Top