● سائل كريم يقول وفقه الله وسدده:
أفيدوني -حفظكم الله تعالى- عن درجة حديث : ( مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا)
أصحيحٌ هو ؟*
وجزاكم الله خيراً
✒️ الجواب:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد:
فحديث : ( مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا ) قد أخرجه الإمام أحمد في مسنده والإمام ابن ماجه في سننه وغيرهما رحمهم الله تعالى جميعاً.
والرَّاجح في حكمه ما قرَّره أئمة العِلل، وجَهابِذةُ الفَنِّ بأنه *حديث ضعيف* لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ *وأنَّ علَّتَه الوَقفُ.
*فلم يُسلِّموا برفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل حكموا عليه بالوَقْف؛ فهو من قول أبي هريرة رضي الله عنه لا من قول النبي صلى الله عليه وآله سلم.
● قال إمام العِلل أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- (فيما نقله عنه العلامة ابن الجوزي -رحمه الله تعالى- في “التحقيق في مسائل الخلاف” (٢/ ١٦١):*” *هذا حديث منكر “.
● وقال الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- فيما نقله عنه الحافظ البيهقي في سننه الكبرى:
” بلغني عن أبي عيسى الترمذي أنه قال الصحيح عن أبي هريرة مَوْقوف “.
● وقال الإمام الطحاوي -رحمه الله تعالى- في “مختصر اختلاف العلماء” -بعد ذكره طريق ابن أبي جعفر الموقوف-:
” وعبيد الله بن أبي جعفر فوق ابن عياش في الضَّبط والجلالة *فلم يرفعه “.
● وقال طبيب العلل أبو الحسن الدارقطني -رحمه الله تعالى- في “علله”:
” ورواه عبيد الله بن أبي جعفر عن الأعرج عن أبي هريرة *موقوفا أيضا وهو الصَّواب “.
● وقال الحافظ البيهقي -رحمه الله تعالى- في “معرفة السنن”:*
” وأما حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله ليه وسلم *فالصَّحيح أنه مَوْقُوفٌ* “.
● وقال -أيضاً- في “سننه الصُّغرى”:* ” *والموقوف أصحُّ* “.
● وقال حافظ المغرب : أبو عمر ابن عبد البر النمري -رحمه الله تعالى – في “التمهيد”:
” *والأغلب عندي أنه موقوف على أبي هريرة* “.
● وذهب الحافظ المنذري -رحمه الله تعالى- في “الترغيب والترهيب” إلى أن الوقف هو الرَّاجح في الحديث.
● وقال الحافظ ابن عبد الهادي -رحمه الله تعالى-:
” ورواه ابن وهب عن عبد الله بن عياش *موقوفاً*، وكذلك رواه جعفر بن ربيعة وعبيد الله بن أبي جعفر عن الأعرج عن أبي هريرة *موقوفا وهو أشبَهُ بالصَّواب “.
● وقال الحافظ ابنُ حجَرٍ -رحمه الله تعالى- بعد ذِكْره له في “بلوغ المرام”:
” صححه الحاكم *ولكن رجَّح الأئمة وقْفَه “.
● وقال -أيضاً- في “فتح الباري”:
” أخرجه ابن ماجه وأحمد ورجاله ثقات، *لكن اختلف في رفْعِه ووقْفِه، والموقوف أشبه بالصواب*، قاله الطحاوي وغيره، *ومع ذلك ليس صريحاً في الإيجاب* “.
● وقد رجَّحَ الوقفَ -أيضاً- كُلٌّ مِنْ:
■ الحافظ عبد الحق الإشبيلي في “أحكامه الوسطى”
■ والعلامة مقبل الوادعي .. وغيرهم -رحمهم الله تعالى جميعاً-.
● في حينٍ، قد صحَّح رفعَهُ بعضُ أئمة الحديث؛ كالإمامين : الحاكم النيسابوري من المتقدِّمين، والعلامة الألباني من المعاصرين -رحمهما الله تعالى-.*
■ *والصَّوابُ ما قُرِّرَه أئمةُ العِلَل -بأدلَّته- أنه موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه من كلامه؛ لا يَبلغُ به النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، وليس ما في متنه من المعاني مما لا يُقال بالاجتهادِ حتَّى نَحكُمَ عليه بأنَّه من المرفوع حُكمًا !
ُ
● وممَّا تَجدُرُ الإشارة إليه ههنا:
■ *أنَّ هذا الحديث هو مِنٌ عُمَدِ القَائلِين بوُجُوبِ الأضحيةِ على القادِرِ عليها، في أدلَّةٍ أُخْرَى استدلُّوا بها عَلى الوُجُوبِ.*
■ وقد رأَى القارئُ المُنْصِفُ أنَّ الصَّحيحَ فيه الضَّعفُ.
■ ورُغمَ ذلك فقد تظافرَتْ نصوص الوحيين؛ الكتابِ العزيزِ، والسُّنَّةِ الصَّحيحةِ المُطهَّرةِ في الحَثِّ والحَضِّ على الأضحية للقادر عليها، وأنها من أعظم العبادات التي يُتقرَّبُ بها إلى الله تبارك وتعالى. ولكن ليس في شيء منها اجتناب المُصلَّى! للقادِرِ على التَّضحيةِ.
والله تعالى أعلم
وصلى الله على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً
✒️ جواب /
أبي إسحاق زهير بن عيسى الهلالي المرزوقي
عفا الله عنه وعن والديه والمسلمين
ليلة التَّرْوِيَةِ