السائل زيد الحارثي -وفقه الله- من المملكة العربية السعودية -صانها الله بالتوحيد والسنَّة- وهو طالب في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية وفقه الله تعالى
شيخنا أبا إسحاق الهلالي حفظكم الله
هل يحتمل الخلاف في مسألة تقديم صيام الست من شوال على من عليه قضاء من رمضان ؟
وهل حقا جمهور العلماء أفتوا بجواز تقديم صيام السِّت على القضاء ؟
أفيدونا حفظكم الله تعالى
■ *الجواب:*
*بسم الله والحمد والحمد والصلاة والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد:*
■ فإنَّ الخلاف في هذه المسألة مشهور وقديم بين الأئمة رحمهم الله تعالى، وليس بجديد ! بارك الله فيك.
■ *مع اتفاق العلماء قاطبة رحمهم الله على أنَّ المسارعة بتقديم صيام القضاء أوَّلاً أوْلَى (وبعضهم يراه الأوجب) ؛ لأن القضاء فرض، وصيام ستِّ شوال تطوُّعٌ.*
*والفرض أولَى بالاهتمام والمسابقة لإبراء الذِّمَّةِ منه ، ولأن القضاء دَيْنٌ ، ودَيْنُ الله أحقُّ أن يُقْضَى، وما تَقرَّب العبدُ إلى اللهِ بشيء أحبَّ إليه جلَّ وعلا من الفرائض.*
■ وأما سؤالك عن مذهب الجمهور الذي لا يعرفه كثيرٌ من الناس! : فهو *جواز التطوع بست شوال قبل قضاء ما عليه من صيام رمضان* ؛
*وهو الذي ذهب إليه الأئمة الأربعة : الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة في رواية، وهو أصح القولين في نظري.*
*واختاره من المعاصرين الإمام العلامة مقبل الوادعي ، وهو رواية عن الإمام العلامة الألباني، وغيرهما -رحم الله الأئمة جميعًا- .. آمين.*
*وذلك لأن صيام الست من شوال وقتها مُضيَّقٌ -على الصحيح- (شهر فقط) ، ووقت قضاء رمضان مُوسَّعٌ خلال العام كلِّه إلى قبل رمضان المُقبِل ؛ ويجوز بعده -مع الفدية على الصحيح- لمن لا عذر له بتأخيره.*
ولِمَا ثبتَ في مسند الإمام أحمد وغيره وصححه الإمام الألباني ومحققو المسند من حديث جابر بن عبد الله وحديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عنهما مرفوعا بلفظ :
” مَن صامَ رمضانَ، *وسِتًّا من شوَّالٍ*، فكأنَّما (وفي راوية : فقد) صامَ السَّنةَ كلَّها “
وفي رواية عند الإمام أحمد أيضا وصححها الإمام الألباني أيضا من حديث ثوبان رضي الله عنه أيضا مرفوعا بلفظ :
” وصِيامُ *سِتَّةِ أيّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ* فَذَلِكَ تَمامُ صِيامِ السَّنَةِ “
*فليس فيه لفظ الإتْبَاعِ ؛ وإن كان لفظُ الصَّحيح (مسلمٍ) أوْلَى بالتَّقديم لإجماع الأُمَّةِ وقَبُولها لأحاديثه.*
*إذا عُلِمَ كُلُّ هذا ؛ فلو قدَّمَ صِيامَ السِّتِّ من شوالٍ ثمَّ قَضَى ما عليه من رمضان (ولو بعد شوال) فقد صدَقَ عليه أنَّه صام رمضان كلَّه وصام سِتًّا من شوَّال، والحسنةُ بعشر أمثالِها فيحصل له هذا الفضْل العظيم بإذن الله تعالى.*
*وقد ثبت عن أمِّنا عائشة رضي الله عنها أنها كانت تتطوَّع بالنوافل كعرفة وعليها قضاء رمضان لا تصومه إلا في شعبان.*
*فمن ترجَّح لديه قول الجمهور بأدلته أخذ به.*
*ومن ترجَّح له قول غيرهم بأدلته أخذ به.*
*والحمد لله رب العالمين.*
*والله تعالى أعلى وأعلم*
*وصلى الله على نبينا محمد*
*وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً*
*أجاب عنه الشيخ / أبو إسحاق الهلالي المرزوقي حفظه الله*